- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
إفنَاء الأحيَاء النفخ في الصّور
الجمعة 28 أغسطس 2009, 02:32
إفنَاء الأحيَاء
النفخ في الصّور
هذا الكون العجيب الغريب الذي نعيش فيه ، يعجُّ بالحياة والأحياء الذين نشاهدهم والذين
لا نشاهدهم ، وهم فيه في حركة دائبة لا تهدأ ولا تتوقف ، وسيبقى حاله كذلك إلى أن
يأتي اليوم الذي يُهلك الله فيه جميع الأحياء إلا من يشاء ، ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) [الرحمن :
26] ،( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) [القصص : 88 ].
وعندما يأتي ذلك اليوم ينفخ في الصور ، فتُنهي هذه النفخة الحياةَ في الأرض والسماء (
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ )[ الزمر : 68 ] .
وهي نفخة هائلة مدمرة ، يسمعها المرء فلا يستطيع أن يوصي بشيء ، ولا يقدر على
العودة إلى أهله وخلانه ( مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ - فَلَا
يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) [ يس : 49-50 ] .
وفي الحديث : " ثم ينفخ في الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ، ورفع ليتاً (1) ،
قال : وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله. قال : فيصعق ويصعق الناس " (2) .
وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن سرعة هلاك العباد حين تقوم الساعة ، فقال : "
ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما ، فلا يتبايعانه ، ولا يطويانه ، ولتقومن
الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة ، وهو يليط حوضه ،
فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " (3) .
--------------------------------
(1) أصغى : أمال : والليت : صفحة العنق .
(2) صحيح مسلم ، كتاب الفتن : باب خروج الدجال: (4/2295) ورقمه : 2940 .
(3) صحيح البخاري ، كتاب الفتن ، رقم (7120) ، فتح الباري : (13/82) عن أبي هريرة . ورواه في كتاب الرقاق ، فتح الباري : (11/352) .
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
الصّور الذي ينفخ فيه
الصور في لغة العرب القَرْن ، وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصور ، ففسره
بما تعرفه العرب من كلامها ، ففي سنن الترمذي وسنن أبي داود ، وسنن ابن حبان،
ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : جاء أعرابي إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما الصور ؟ قال : الصور قرن ينفخ فيه " (1) قال
الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي ، وقال الترمذي فيه : حديث حسن صحيح .
وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ( الصُوَر ) ، جمع صورة ، وتأوله على أن المراد النفخ
في الأجساد لتعاد إليها الأرواح .
ونقل عن أبي عبيدة والكلبي أن ( الصُّوْر ) بسكون الواو جمع صورة ، كما يقال : سور
المدينة جمع سورة ، والصوف جمع صوفة ، وبسر جمع بسرة .
وقالوا : المراد النفخ في الصور وهي الأجساد ، لتعاد فيها الأرواح ، وما ذكروه خطأ من
وجوه :
الأول : أن القراءة التي نسبت إلى الحسن البصري لا تصح نسبتها إلى الأئمة الذين يحتج
بقراءتهم .
الثاني : أن ( صورة ) تجمع على ( صُوَر ) ، ولا تجمع على ( صُوْر ) كما ادعى أبو عبيدة
والكلبي ، قال تعالى : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) [ غافر : 64 ] ، ولم يعرف عن أحد من
القراء أنه قرأها : فَأَحْسَنَ صُوْركُمْ .
الثالث : أن الكلمات التي ذكروها ليست بجموع ، وإنما هي أسماء جموع ، يفرق بينها
وبين واحدتها بالتاء .
الرابع : أن هذا القول خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة ، فالذي عليه أهل السنة
والجماعة أن الصور بوق ينفخ فيه .
الخامس : أن هذا القول مخالف لتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث فسره بالبوق ،
ومخالف للأحاديث الكثيرة الدالة على هذا المعنى .
السادس : أن الله تعالى قال : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ
إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) [الزمر : 68] ، فقد أخبر الحق
أنه ينفخ في الصور مرتين ، ولو كان المراد بالصور النفخ في الصُّوَر التي هي الأبدان لما
صح أن يقال : ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى )، لأن الأجساد تنفخ فيها الأرواح عند البعث مرة واحدة
(2) .
وما ذكره بعض أهل العلم من أن الصور من ياقوتة أو من نور فلا نعلم في ذلك حديثاً
صحيحاً ، والله أعلم .
--------------------------------
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (3/68) ، ورقمه : 1080 .
(2) راجع في هذه المسألة : تذكرة القرطبي : 182 ، 185 . فتح الباري (11/367) . لسان العرب : (2/493) .
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
النَافخ في الصُّور
قال ابن حجر العسقلاني : " اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل عليه السلام ، ونقل فيه
الحليمي الإجماع ، ووقع التصريح به في حديث وهب ابن منبه ، وفي حديث أبي سعيد عند
البيهقي ، وفي حديث أبي هريرة عند ابن مردويه ، وكذا في حديث الصور الطويل " (1) .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن صاحب الصور مستعد دائماً للنفخ فيه منذ أن
خلقه الله تعالى ، ففي مستدرك الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إن طَرْف صاحب الصور منذ وُكِّل به مستعد ينظر نحو العرش ،
مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طَرْفه ، كأن عينيه كوكبان دُرِّيان " قال الحاكم : صحيح
الإسناد ، ووافقه الذهبي (2) .
وفي هذا الزمان الذي اقتربت فيه الساعة ، أصبح إسرافيل أكثر استعداداً وتهيؤاً للنفخ
في الصور ، فقد روى ابن المبارك في الزهد ، والترمذي في سننه ، وأبو نعيم في الحلية
، وأبو يعلى في مسنده ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في المستدرك ، عن أبي
سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنعم ، وقد التقم صاحب
القرنِ القرنَ ، وحنى جبهته ، وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ ، فينفخ . قال
المسلمون : فكيف نقول يا رسول الله ؟ قال : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، توكلنا على
الله ربنا " وقال الترمذي : حديث حسن ، وقد ذكر الشيخ ناصر رواته من الصحابة وطرقه
ومتابعاته وشواهده في (( سلسلة الأحاديث الصحيحة )) بما يدلُّ على صحته (3) .
--------------------------------
(1) فتح الباري : (11/368) .
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (3/65) ، ورقمه : 1078 .
(3) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (3/66) ، ورقمه : 1079 .
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
اليَوم الذي يكون فيه النفخة
تقوم الساعة في يوم الجمعة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ، فيه خُلِق آدم ،
وفيه أُدخل الجنة ، وفيه أُخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة " (1) .
وفي حديث آخر أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الساعة تقوم في يوم الجمعة ، وفيها
يُبعث العباد أيضاً ، فعن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من
أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خُلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصَّعْقَة ،
فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة عليَّ " رواه أبو داود ، والنسائي ،
وابن ماجة ، والدارمي ، والبيهقي في (( الدعوات الكبير )) (2) . وفي (( مسند الطبراني
الأوسط )) ، و (( الحلية )) لأبي نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " عُرِضَت عليَّ الأيام ، فعُرض عليَّ فيها يوم الجمعة ، فإذا هي كمرآة بيضاء
في وسطها نكتة سوداء، فقلت : ما هذه ؟ قيل : الساعة " (3) .
ولما كانت الساعة تقع في هذا اليوم فإن المخلوقات في كل يوم جمعة تكون مشفقةً
خائفةً إلا الإنس والجن ، ففي موطأ الإمام مالك ، وسنن أبي داود ، وسنن الترمذي
والنسائي ، ومسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خُلق آدم ، وفيه هبط ، وفيه تيب
عليه ، وفيه مات ، وفيه تقوم الساعة ، وما من دابة إلا وهي مصيخة (4) ، يوم الجمعة من
حين تصبح حتى تطلع الشمس ، شفقاً من الساعة ، إلا الجن والإنس " (5) .
--------------------------------
(1) صحيح مسلم : 854 .
(2) مشكاة المصابيح : (1/430) ، ورقمه : (1361) ، وقال – محقق المشكاة : إسناده عند أبي داود صحيح ، وصححه جماعة .
(3) رمز الشيخ ناصر للحديث بالصحة في صحيح الجامع : (4/31) ، ورقمه (3895)
وأورد طرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة: (4/568) ، ورقمه : (1930) .
(4) منتظرة قيام الساعة .
(5) مشكاة المصابيح : (1/428) ، ورقمه (1359) وعزاه محقق المشكاة إلى الموطأ والترمذي . وقال الترمذي فيه : حسن صحيح .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى