- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
معركة وادي المخازن ( القصر الكبير )
الثلاثاء 25 أغسطس 2009, 03:16
تربع ( سبستيان ) عام 1557م على عرش
إمبراطورية البرتغال التي يمتد نفوذها على سواحل إفريقية وآسية وأمريكية ،
فتطلع إلى استخلاص الأماكن المقدسة المسيحية في المشرق من يد المسلمين .
فاتصل بخاله ملك أسبانيا ( فيليب الثاني ) يدعوه للمشاركة بحملة صليبية
جديدة على المغرب العربي كي لا تعيد الدولة السعدية بمعاونة العثمانيين
الكرة على الأندلس .
أما حكام المغرب الأشراف السعديون فهم من نسل محمد بن انفس الزكية من آل
البيت النبوي ، فبعد دولة المرابطين قامت دولة الموحدين ثم دولة بني مرين
ثم دولة وطاس ، ثم قامت دولة الأشراف السعديين .
وكان من حكامهم محمد المتوكل على الله وكان فظاً مستبداً ظالماً قتل اثنين
من إخوته عند وصوله إلى الحكم ، وأمر بسجن آخر ، فكرهته الرعية ، فرأى عمه
عبد الملك أنه أولى بالملك من ابن أخيه ، فأضمر المتوكل الفتك بعميه عبد
الملك وأحمد ففرا منه مستنجدين بالعثمانيين ، الذين كتبوا إلى واليهم على
الجزائر ليبعث مع عبد الملك خمسة آلاف من عسكر الترك يدخلون معه أرض
المغرب الأقصى ليعيدوا له الحكم الذي سلبه منه المتوكل الظالم .
وعندما دخل عبد الملك المغرب مع الأتراك ، وانتصر في معركة قرب مدينة فاس
، وفر المتوكل من المعركة ، ودخل عبد الملك فاس سنة 983هـ وولى عيها أخاه
أحمد ، ثم ضم مراكش ، ففر المتوكل إلى جبال السوس ، فلاحقته جيوش عمه حتى
فر إلى سبتة ، ثم دخل طنجة مستصرخاً بملك البرتغال سبستيان ، بعد أن رفض
ملك أسبانيا معونته .
أراد ملك البرتغال الشاب محو ما وصم به عرش البرتغال خلال فترة حكم أبيه
من الضعف والتخاذل ، كما أراد أن يعلي شأنه بين ملوك أوروبا فجاءته الفرصة
باستنصار المتوكل به على عميه وبن جلدته ، مقابل أن يتنازل له عن جميع
شواطئ المغرب .
استعان سبستيان بخاله ملك أسبانيا فوعده أن يمده بالمراكب والعساكر ما
يملك به مدينة العرائش لأنه يعتقد أنها تعدل سائر مراسي المغرب ، ثم أمده
بعشرين ألفاً من عسكر الأسبان ، وكان سبستيان قد عبأ معه اثني عشر ألفاً
من البرتغال ، كما أرسل إليه الطليان ثلاثة آلاف ، ومثلها من الألمان
وغيرهم عددا ًكثيراً ، وبعث إليه البابا بأربعة آلاف أخرى ، وبألف وخمس
مائة من الخيل ، واثني عشر مدفعا ً ، وجمع سبستيان نحو ألف مركب ليحمل هذه
الجموع إلى العدوة المغربية . وقد حذر ملك أسبانيا ابن أخته عاقبة التوغل
في أرض المغرب ولكنه لم يلتفت لذلك .
مسيرة الجيشين إلى وادي المخازن :
الجيش البرتغالي : أبحرت السفن الصليبية من ميناء لشبونة باتجاه المغرب
يوم 24 يونيو 1578م ، وأقامت في لاكوس بضعة أيام ، ثم توجهت إلى قادس
وأقامت أسبوعاً كاملاً ، ثم رست بطنجة ، وفيها لقي سبستيان حليفه المتوكل
، ثم تابعت السفن سيرها إلى أصيلا ، وأقام سبستيان بطنجة يوماً واحداً ،
ثم لحق بجيشه .
الجيش المغربي : كانت الصرخة في كل أنحاء المغرب : ( أن اقصدوا وادي
المخازن للجهاد في سبيل الله ) ، فتجمعت الجموع الشعبية وتشوقت للنصر أو
الشهادة ، وكتب عبد الملك من مراكش إلى سبستيان : ( إن سطوتك قد ظهرت في
خروجك من أرضك ، وجوازك العدوة ، فإن ثبت إلى أن نقدم عليك ، فأنت نصراني
حقيقي شجاع ، وإلا فأنت كلب بن كلب ) . فلما بلغه الكتاب غضب واستشار
أصحابه فأشاروا عليه أن يتقدم ، ويملك تطاوين والعرائش والقصر ، ويجمع ما
فيها من العدة ويتقوى بما فيها من الذخائر ، ولكن سبستيان تريث رغم إشارة
رجاله ، وكتب عبد الملك إلى أخيه أحمد أن يخرج بجند فاس وما حولها ويتهيأ
للقتال ، وهكذا سار أهل مراكش وجنوبي المغرب بقيادة عبد الملك وسار أخوه
أحمد بأهل فاس وما حولها ، وكان اللقاء قرب محلة القصر الكبير .
قوى الطرفين :
الجيش البرتغالي : 125000 مقاتل وما يلزمهم من المعدات ، وأقل ما قيل في
عددهم ثمانون ألفاً ، وكان منهم 20000 أسباني ،3000 ألماني ، 7000 إيطالي
، مع ألوف الخيل ، وأكثر من أربعين مدفعاً ، بقيادة الملك الشاب سبستيان ،
وكان معهم المتوكل بشرذمة تتراوح ما بين 300-6000على الأكثر .
الجيش المغربي : بقيادة عبد الملك المعتصم بالله ، المغاربة المسلمون
40000مجاهد ، يملكون تفوقاً في الخيل ، مدافعهم أربعة وثلاثون مدفعاً فقط
، لكن معنوياتهم عالية ؛ لأنهم غلبوا البرتغاليين من قبل وانتزعوا منهم
ثغوراً ، وهم يعلمون أن نتيجة المعركة يتوقف عليها مصير بلادهم ، ولأن
القوى الشعبية كانت موجودة في المعركة وكان لها أثرها في شحذ الهمم ورفع
المعنويات متمثلة في الشيوخ والعلماء .
قبيل المعركة :
اختار عبد الملك القصر الكبير مقراً لقيادته ، وخصص من يراقب سبستيان
وجيشه بدقة ، ثم كتب إلى سبستيان مستدرجاً له : ( إني قد قطعت للمجيء إليك
ست عشرة مرحلة ، فهلا قطعت أنت مرحلة واحدة لملاقاتي ) فنصحه المتوكل
ورجاله أن لا يترك أصيلا الساحلية ليبقى على اتصال بالمؤن والعتاد والبحر
، ولكنه رفض النصيحة فتحرك قاصدا ًالقصر الكبير حتى وصل جسر وادي المخازن
حيث خيم قبالة الجيش المغربي ، وفي جنح الليل أمر عبد الملك أخاه أحمد
المنصور في كتيبة من الجيش أن ينسف قنطرة جسر وادي المخازن ، فالوادي لا
معبر له سوى هذه القنطرة .
وتواجه الجيشان بالمدفعيتين ، وبعدهما الرماة المشاة ، وعلى المجنبتين
الفرسان ، ولدى الجيش المسلم قوى شعبية متطوعة بالإضافة لكوكبة احتياطية
من الفرسان ستنقض في الوقت المناسب .
المعركة :
في صباح الاثنين 30 جمادى الآخرة 986هـ الموافق 4 أغسطس 1578م وقف السلطان
عبد الملك يحرض الجيش على القتال ، ولم يأل القسس والرهبان جهداً في إثارة
حماس جند أوروبا مذكرين أن البابا أحل من الأوزار والخطايا أرواح من يلقون
حتفهم في هذه الحروب .
وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذاناً ببدء المعركة ،
وبرغم تدهور صحة السلطان عبد الملك الذي رافقه المرض وهو في طريقه من
مراكش إلى القصر الكبير خرج بنفسه ليرد الهجوم الأول ، ولكن المرض غالبه
فغلبه فعاد إلى محفته، وما هي إلا لحظات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ، ومات
وهو واضع سبابته على فمه مشيراً أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر ، ولا
يضطربوا ، وكذلك كان فلم يطلع على وفاته إلا حاجبه وأخوه أحمد المنصور ،
وصار حاجبه يقول للجند : ( السلطان يأمر فلاناً أن يذهب إلى موضع كذا ،
وفلاناً أن يلزم الراية ، وفلاناً يتقدم ، وفلاناً يتأخر ) ، وفي رواية :
إن المتوكل دس السم لعمه عبد الملك قبل اللقاء ليموت في المعركة فتقنع
الفتنة في معسكر المغاربة .
ومال أحمد المنصور بمقدمة الجيش على مؤخرة البرتغاليين وأوقدت النار في
بارود البرتغاليين ، واتجهت موجة مهاجمة ضد رماتهم أيضاً فلم يقف
البرتغاليون لقوة الصدمة ، فتهالك قسم منهم صرعى ، وولى الباقون الأدبار
قاصدين قنطرة نهر وادي المخازن ، فإذا هي أثر بعد عين ، نسفها المسلمون ،
فارتموا بالنهر ، فغرق من غرق ، وأسر من أسر ، وقتل من قتل .
وصرع سبستيان وألوف من حوله بعد أن أبدى صموداً وشجاعة تذكر ، وحاول
المتوكل الخائن الفرار شمالاً فوقع غريقاً في نهر وادي المخازن ، ووجدت
جثته طافية على الماء ، فسلخ وملئ تبناً وطيف به في أرجاء المغرب حتى تمزق
وتفسخ .
دامت المعركة أربع ساعات وثلث الساعة ، ولم يكن النصر فيها مصادفة ، بل
لمعنويات عالية ، ونفوس شعرت بالمسؤولية ، ولخطة مدروسة مقررة محكمة .
وتنجلي المعركة عن نصر خالد في تاريخ الإسلام ، وعن موت ثلاثة ملوك :
صليبي مجندل وهو سبستيان ملك أعظم إمبراطورية على الأرض آنذاك ، وخائن
غريق مسلوخ وهو محمد المتوكل ، وشهيد بطل وهو عبد الملك المعتصم بالله
فاضت روحه ، وسيذكره التاريخ يفخر بإخلاصه وحكمته وشجاعته وفروسيته .
أسباب النصر :
1- آلام المسلمين من سقوط غر ناطة وضياع الأندلس ومحاكم التفتيش جراح لم تندمل بعد ، وهي ماثلة أمامهم .
2- الخطة المحكمة المرسومة بدقة ، واستدراج الخصم لميدان تجول فيه الخيول
وتصول ، مع قطع طرق تموينه وإمداده ، ثم نسف القنطرة الوحيدة على نهر وادي
المخازن .
3- المشاركة الفعالة للقوى الشعبية بقيادة العلماء والشيوخ ، مليئة
بالإيمان وحب الشهادة وبروح عالية لتحقيق النصر حتى قاتل البعض بالمناجل
والعصي .
4- تفوق المدفعية المغربية على مدفعية الجيش البرتغالي مع مهارة في التصويب والدقة .
5- وكانت خيل المسلمين أكثر من خيل النصارى ويلائمها السهل الذي انتقاه السلطان للمعركة .
6- وكان سبستيان في جانب ومستشاروه وكبار رجالاته في جانب آخر .
إمبراطورية البرتغال التي يمتد نفوذها على سواحل إفريقية وآسية وأمريكية ،
فتطلع إلى استخلاص الأماكن المقدسة المسيحية في المشرق من يد المسلمين .
فاتصل بخاله ملك أسبانيا ( فيليب الثاني ) يدعوه للمشاركة بحملة صليبية
جديدة على المغرب العربي كي لا تعيد الدولة السعدية بمعاونة العثمانيين
الكرة على الأندلس .
أما حكام المغرب الأشراف السعديون فهم من نسل محمد بن انفس الزكية من آل
البيت النبوي ، فبعد دولة المرابطين قامت دولة الموحدين ثم دولة بني مرين
ثم دولة وطاس ، ثم قامت دولة الأشراف السعديين .
وكان من حكامهم محمد المتوكل على الله وكان فظاً مستبداً ظالماً قتل اثنين
من إخوته عند وصوله إلى الحكم ، وأمر بسجن آخر ، فكرهته الرعية ، فرأى عمه
عبد الملك أنه أولى بالملك من ابن أخيه ، فأضمر المتوكل الفتك بعميه عبد
الملك وأحمد ففرا منه مستنجدين بالعثمانيين ، الذين كتبوا إلى واليهم على
الجزائر ليبعث مع عبد الملك خمسة آلاف من عسكر الترك يدخلون معه أرض
المغرب الأقصى ليعيدوا له الحكم الذي سلبه منه المتوكل الظالم .
وعندما دخل عبد الملك المغرب مع الأتراك ، وانتصر في معركة قرب مدينة فاس
، وفر المتوكل من المعركة ، ودخل عبد الملك فاس سنة 983هـ وولى عيها أخاه
أحمد ، ثم ضم مراكش ، ففر المتوكل إلى جبال السوس ، فلاحقته جيوش عمه حتى
فر إلى سبتة ، ثم دخل طنجة مستصرخاً بملك البرتغال سبستيان ، بعد أن رفض
ملك أسبانيا معونته .
أراد ملك البرتغال الشاب محو ما وصم به عرش البرتغال خلال فترة حكم أبيه
من الضعف والتخاذل ، كما أراد أن يعلي شأنه بين ملوك أوروبا فجاءته الفرصة
باستنصار المتوكل به على عميه وبن جلدته ، مقابل أن يتنازل له عن جميع
شواطئ المغرب .
استعان سبستيان بخاله ملك أسبانيا فوعده أن يمده بالمراكب والعساكر ما
يملك به مدينة العرائش لأنه يعتقد أنها تعدل سائر مراسي المغرب ، ثم أمده
بعشرين ألفاً من عسكر الأسبان ، وكان سبستيان قد عبأ معه اثني عشر ألفاً
من البرتغال ، كما أرسل إليه الطليان ثلاثة آلاف ، ومثلها من الألمان
وغيرهم عددا ًكثيراً ، وبعث إليه البابا بأربعة آلاف أخرى ، وبألف وخمس
مائة من الخيل ، واثني عشر مدفعا ً ، وجمع سبستيان نحو ألف مركب ليحمل هذه
الجموع إلى العدوة المغربية . وقد حذر ملك أسبانيا ابن أخته عاقبة التوغل
في أرض المغرب ولكنه لم يلتفت لذلك .
مسيرة الجيشين إلى وادي المخازن :
الجيش البرتغالي : أبحرت السفن الصليبية من ميناء لشبونة باتجاه المغرب
يوم 24 يونيو 1578م ، وأقامت في لاكوس بضعة أيام ، ثم توجهت إلى قادس
وأقامت أسبوعاً كاملاً ، ثم رست بطنجة ، وفيها لقي سبستيان حليفه المتوكل
، ثم تابعت السفن سيرها إلى أصيلا ، وأقام سبستيان بطنجة يوماً واحداً ،
ثم لحق بجيشه .
الجيش المغربي : كانت الصرخة في كل أنحاء المغرب : ( أن اقصدوا وادي
المخازن للجهاد في سبيل الله ) ، فتجمعت الجموع الشعبية وتشوقت للنصر أو
الشهادة ، وكتب عبد الملك من مراكش إلى سبستيان : ( إن سطوتك قد ظهرت في
خروجك من أرضك ، وجوازك العدوة ، فإن ثبت إلى أن نقدم عليك ، فأنت نصراني
حقيقي شجاع ، وإلا فأنت كلب بن كلب ) . فلما بلغه الكتاب غضب واستشار
أصحابه فأشاروا عليه أن يتقدم ، ويملك تطاوين والعرائش والقصر ، ويجمع ما
فيها من العدة ويتقوى بما فيها من الذخائر ، ولكن سبستيان تريث رغم إشارة
رجاله ، وكتب عبد الملك إلى أخيه أحمد أن يخرج بجند فاس وما حولها ويتهيأ
للقتال ، وهكذا سار أهل مراكش وجنوبي المغرب بقيادة عبد الملك وسار أخوه
أحمد بأهل فاس وما حولها ، وكان اللقاء قرب محلة القصر الكبير .
قوى الطرفين :
الجيش البرتغالي : 125000 مقاتل وما يلزمهم من المعدات ، وأقل ما قيل في
عددهم ثمانون ألفاً ، وكان منهم 20000 أسباني ،3000 ألماني ، 7000 إيطالي
، مع ألوف الخيل ، وأكثر من أربعين مدفعاً ، بقيادة الملك الشاب سبستيان ،
وكان معهم المتوكل بشرذمة تتراوح ما بين 300-6000على الأكثر .
الجيش المغربي : بقيادة عبد الملك المعتصم بالله ، المغاربة المسلمون
40000مجاهد ، يملكون تفوقاً في الخيل ، مدافعهم أربعة وثلاثون مدفعاً فقط
، لكن معنوياتهم عالية ؛ لأنهم غلبوا البرتغاليين من قبل وانتزعوا منهم
ثغوراً ، وهم يعلمون أن نتيجة المعركة يتوقف عليها مصير بلادهم ، ولأن
القوى الشعبية كانت موجودة في المعركة وكان لها أثرها في شحذ الهمم ورفع
المعنويات متمثلة في الشيوخ والعلماء .
قبيل المعركة :
اختار عبد الملك القصر الكبير مقراً لقيادته ، وخصص من يراقب سبستيان
وجيشه بدقة ، ثم كتب إلى سبستيان مستدرجاً له : ( إني قد قطعت للمجيء إليك
ست عشرة مرحلة ، فهلا قطعت أنت مرحلة واحدة لملاقاتي ) فنصحه المتوكل
ورجاله أن لا يترك أصيلا الساحلية ليبقى على اتصال بالمؤن والعتاد والبحر
، ولكنه رفض النصيحة فتحرك قاصدا ًالقصر الكبير حتى وصل جسر وادي المخازن
حيث خيم قبالة الجيش المغربي ، وفي جنح الليل أمر عبد الملك أخاه أحمد
المنصور في كتيبة من الجيش أن ينسف قنطرة جسر وادي المخازن ، فالوادي لا
معبر له سوى هذه القنطرة .
وتواجه الجيشان بالمدفعيتين ، وبعدهما الرماة المشاة ، وعلى المجنبتين
الفرسان ، ولدى الجيش المسلم قوى شعبية متطوعة بالإضافة لكوكبة احتياطية
من الفرسان ستنقض في الوقت المناسب .
المعركة :
في صباح الاثنين 30 جمادى الآخرة 986هـ الموافق 4 أغسطس 1578م وقف السلطان
عبد الملك يحرض الجيش على القتال ، ولم يأل القسس والرهبان جهداً في إثارة
حماس جند أوروبا مذكرين أن البابا أحل من الأوزار والخطايا أرواح من يلقون
حتفهم في هذه الحروب .
وانطلقت عشرات الطلقات النارية من الطرفين كليهما إيذاناً ببدء المعركة ،
وبرغم تدهور صحة السلطان عبد الملك الذي رافقه المرض وهو في طريقه من
مراكش إلى القصر الكبير خرج بنفسه ليرد الهجوم الأول ، ولكن المرض غالبه
فغلبه فعاد إلى محفته، وما هي إلا لحظات حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ، ومات
وهو واضع سبابته على فمه مشيراً أن يكتموا الأمر حتى يتم النصر ، ولا
يضطربوا ، وكذلك كان فلم يطلع على وفاته إلا حاجبه وأخوه أحمد المنصور ،
وصار حاجبه يقول للجند : ( السلطان يأمر فلاناً أن يذهب إلى موضع كذا ،
وفلاناً أن يلزم الراية ، وفلاناً يتقدم ، وفلاناً يتأخر ) ، وفي رواية :
إن المتوكل دس السم لعمه عبد الملك قبل اللقاء ليموت في المعركة فتقنع
الفتنة في معسكر المغاربة .
ومال أحمد المنصور بمقدمة الجيش على مؤخرة البرتغاليين وأوقدت النار في
بارود البرتغاليين ، واتجهت موجة مهاجمة ضد رماتهم أيضاً فلم يقف
البرتغاليون لقوة الصدمة ، فتهالك قسم منهم صرعى ، وولى الباقون الأدبار
قاصدين قنطرة نهر وادي المخازن ، فإذا هي أثر بعد عين ، نسفها المسلمون ،
فارتموا بالنهر ، فغرق من غرق ، وأسر من أسر ، وقتل من قتل .
وصرع سبستيان وألوف من حوله بعد أن أبدى صموداً وشجاعة تذكر ، وحاول
المتوكل الخائن الفرار شمالاً فوقع غريقاً في نهر وادي المخازن ، ووجدت
جثته طافية على الماء ، فسلخ وملئ تبناً وطيف به في أرجاء المغرب حتى تمزق
وتفسخ .
دامت المعركة أربع ساعات وثلث الساعة ، ولم يكن النصر فيها مصادفة ، بل
لمعنويات عالية ، ونفوس شعرت بالمسؤولية ، ولخطة مدروسة مقررة محكمة .
وتنجلي المعركة عن نصر خالد في تاريخ الإسلام ، وعن موت ثلاثة ملوك :
صليبي مجندل وهو سبستيان ملك أعظم إمبراطورية على الأرض آنذاك ، وخائن
غريق مسلوخ وهو محمد المتوكل ، وشهيد بطل وهو عبد الملك المعتصم بالله
فاضت روحه ، وسيذكره التاريخ يفخر بإخلاصه وحكمته وشجاعته وفروسيته .
أسباب النصر :
1- آلام المسلمين من سقوط غر ناطة وضياع الأندلس ومحاكم التفتيش جراح لم تندمل بعد ، وهي ماثلة أمامهم .
2- الخطة المحكمة المرسومة بدقة ، واستدراج الخصم لميدان تجول فيه الخيول
وتصول ، مع قطع طرق تموينه وإمداده ، ثم نسف القنطرة الوحيدة على نهر وادي
المخازن .
3- المشاركة الفعالة للقوى الشعبية بقيادة العلماء والشيوخ ، مليئة
بالإيمان وحب الشهادة وبروح عالية لتحقيق النصر حتى قاتل البعض بالمناجل
والعصي .
4- تفوق المدفعية المغربية على مدفعية الجيش البرتغالي مع مهارة في التصويب والدقة .
5- وكانت خيل المسلمين أكثر من خيل النصارى ويلائمها السهل الذي انتقاه السلطان للمعركة .
6- وكان سبستيان في جانب ومستشاروه وكبار رجالاته في جانب آخر .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى