- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
هجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة ، وبنائه البيت العتيق
الإثنين 24 أغسطس 2009, 18:20
قال البخاري : قال عبد الله بن محمد -
هو أبو بكر بن أبي شيبة - حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب
السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، يزيد أحدهما على الآخر
، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أو ما اتخذ النساء المنطق من قبل
أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتعفى أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم
وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في
أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء . فوضعها هنالك ووضع عندهما
جراباً فيه تمر ، وسقاء فيه ماء .
ثم قفى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم . . أين
تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً
وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت :
إذن لا يضيعنا . ثم رجعت .
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ،
ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد
غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " .
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في
السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت
كراهية إن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه
ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً . فهبطت من الصفا حتى
إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود . حتى
جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم ترى
أحداً ، فعلت ذلك سبع مرات .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك سعى الناس بينهما " .
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت
فسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند
موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه
وتقول بيدها هكذا . وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل !
لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عيناً معيناً "
قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا
بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله .
وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ يمينه وعن
شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ،
مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا :
إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء .
فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبرهم بالماء فأقبلوا .
قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم . ولكن لاحق لكم في الماء عندنا . قالوا : نعم .
قال عبد الله بن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم
إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا
كان بها أهل أبيات منهم .
وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب . فلما أدرك زوجوه امرأة منهم .
وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد
إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم
وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، وشكت إليه ، قال : فإذا
جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه .
فلماء جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم
جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا
في جهد وشدة . قال : هل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك
السلام ، ويقول لك غير عتبة بابك .
قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك ، وطلقها وتزوج منهم
أخرى ، ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على
امرأته فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن
عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت علي الله عز وجل . فقال :
وما طعامكم ؟ قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : "
اللهم بارك لهم في اللحم والماء " .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب
لدعا لهم فيه " قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه .
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبت بابه ، فلما
جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ،
وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ،
قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة
بابك . قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك .
ثم لبث عندهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلاً له تحت
دوحة قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد
والولد بالوالد ثم قال : يا إسماعيل . . إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع
ما أمرك به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن
أبني هاهنا بيتاً . وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها .
قال : فعند ذلك رفعاً القواعد من البيت ، وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة
وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام
عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك
أنت السميع العليم " .
قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " .
ثم قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ،
حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ،
ومعهم شنة فيها ماء ، وذكر تمامه بنحو ما تقدم .
وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموضح برفع بعضه . وفي بعضه غرابة ، وكأنه
مما تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات ، وفيه أن إسماعيل كان رضيعاً إذ ذاك .
وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده
من العبيد وغيرهم فخنتهم ، وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره ، فيكون
عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وهذا امتثال لأمر الله عز وجل في أهله
، فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب . ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء
أنه واجب على الرجال ، كما هو مقرر في موضعه .
وقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا مغيرة
بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اختتن إبراهيم النبي عليه السلام وهو
ابن ثمانين سنة بالقدوم " .
تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد ، وتابعه عجلان ، عن أبي هريرة ،
ورواه محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وهكذا رواه مسلم عن
قتيبة .
وفي بعض الألفاظ : " اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم " والقدوم هو الآلة ، وقيل موضع .
وهذا اللفظ لا ينافي الزيادة على الثمانين . . والله أعلم ، لما سيأتي من
الحديث عند ذكر وفاته ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة
" رواه ابن حبان في صحيحه .
وليس في هذا السياق ذكر قصة الذبيح وأنه إسماعيل ، ولم يذكر في قدمات
إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث مرات : أولاهن بعد أن تزوج إسماعيل بعد موت
هاجر ، وكيف تركهم من حين صغر الولد - على ما ذكر - إلى حين تزويجه لا
ينظر في حالهم ، وقد ذكر أن الأرض كانت تطوى له ، وقيل : إنه كان يركب
البراق إذا سار إليهم ، فكيف يتخلف عن مطالعة حالهم وهم في غاية الضرورة
الشديدة والحاجة الأكيدة ؟ !
وكأن بعض هذا السياق متلقى من الإسرائيليات ومطرز بشيء من المرفوعات ، ولم
يذكر فيه قصة الذبيح ، وقد دللنا على أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح في
سورة الصافات
هو أبو بكر بن أبي شيبة - حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن أيوب
السختياني وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، يزيد أحدهما على الآخر
، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أو ما اتخذ النساء المنطق من قبل
أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتعفى أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم
وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في
أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء . فوضعها هنالك ووضع عندهما
جراباً فيه تمر ، وسقاء فيه ماء .
ثم قفى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم . . أين
تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً
وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت :
إذن لا يضيعنا . ثم رجعت .
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ،
ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد
غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس
تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " .
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في
السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت
كراهية إن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه
ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً . فهبطت من الصفا حتى
إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود . حتى
جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم ترى
أحداً ، فعلت ذلك سبع مرات .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك سعى الناس بينهما " .
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت
فسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند
موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه
وتقول بيدها هكذا . وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف .
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل !
لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عيناً معيناً "
قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا
بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله .
وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ يمينه وعن
شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ،
مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا :
إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء .
فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبرهم بالماء فأقبلوا .
قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم . ولكن لاحق لكم في الماء عندنا . قالوا : نعم .
قال عبد الله بن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم
إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا
كان بها أهل أبيات منهم .
وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب . فلما أدرك زوجوه امرأة منهم .
وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد
إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم
وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، وشكت إليه ، قال : فإذا
جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه .
فلماء جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم
جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا
في جهد وشدة . قال : هل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك
السلام ، ويقول لك غير عتبة بابك .
قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك ، وطلقها وتزوج منهم
أخرى ، ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على
امرأته فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا . قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن
عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت علي الله عز وجل . فقال :
وما طعامكم ؟ قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء . قال : "
اللهم بارك لهم في اللحم والماء " .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب
لدعا لهم فيه " قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه .
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبت بابه ، فلما
جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ،
وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ،
قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة
بابك . قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك .
ثم لبث عندهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلاً له تحت
دوحة قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد
والولد بالوالد ثم قال : يا إسماعيل . . إن الله أمرني بأمر . قال : فاصنع
ما أمرك به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك . قال : فإن الله أمرني أن
أبني هاهنا بيتاً . وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها .
قال : فعند ذلك رفعاً القواعد من البيت ، وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة
وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام
عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك
أنت السميع العليم " .
قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " .
ثم قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ،
حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ، خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ،
ومعهم شنة فيها ماء ، وذكر تمامه بنحو ما تقدم .
وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموضح برفع بعضه . وفي بعضه غرابة ، وكأنه
مما تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات ، وفيه أن إسماعيل كان رضيعاً إذ ذاك .
وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده
من العبيد وغيرهم فخنتهم ، وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره ، فيكون
عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وهذا امتثال لأمر الله عز وجل في أهله
، فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب . ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء
أنه واجب على الرجال ، كما هو مقرر في موضعه .
وقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا مغيرة
بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اختتن إبراهيم النبي عليه السلام وهو
ابن ثمانين سنة بالقدوم " .
تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد ، وتابعه عجلان ، عن أبي هريرة ،
ورواه محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وهكذا رواه مسلم عن
قتيبة .
وفي بعض الألفاظ : " اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم " والقدوم هو الآلة ، وقيل موضع .
وهذا اللفظ لا ينافي الزيادة على الثمانين . . والله أعلم ، لما سيأتي من
الحديث عند ذكر وفاته ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة
" رواه ابن حبان في صحيحه .
وليس في هذا السياق ذكر قصة الذبيح وأنه إسماعيل ، ولم يذكر في قدمات
إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث مرات : أولاهن بعد أن تزوج إسماعيل بعد موت
هاجر ، وكيف تركهم من حين صغر الولد - على ما ذكر - إلى حين تزويجه لا
ينظر في حالهم ، وقد ذكر أن الأرض كانت تطوى له ، وقيل : إنه كان يركب
البراق إذا سار إليهم ، فكيف يتخلف عن مطالعة حالهم وهم في غاية الضرورة
الشديدة والحاجة الأكيدة ؟ !
وكأن بعض هذا السياق متلقى من الإسرائيليات ومطرز بشيء من المرفوعات ، ولم
يذكر فيه قصة الذبيح ، وقد دللنا على أن الذبيح هو إسماعيل على الصحيح في
سورة الصافات
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى