- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
هجرة الخليل عليه السلام إلى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية
الإثنين 24 أغسطس 2009, 18:19
قال الله : " فآمن له لوط وقال إني
مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في
ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
" .
وقال تعالى : " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين *
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون
بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا
عابدين " .
لما هجر قومه في الله ، وهاجر من بين أظهرهم ، وكانت امرأته عاقراً لا
يولد لها ، ولم يكن له من الولد أحد ، بل معه ابن أخيه لوط ابن هران بن
آزر ، وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين ، وجعل في ذريته النبوة
والكتاب ، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته ، وكل كتاب نزل من السماء على
نبي من الأنبياء من بعده ، فعلى أحد نسله وعقبه ، خلعة من الله وكرامة له
، حيث ترك بلاده وأهله وأقرباءه ، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه
عز وجل ودعوة الخلق إليه .
والأرض التي قصدها بالهجرة أرض الشام ، وهي التي قال الله عز وجل : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين " .
قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم .
وروى العوفي عن ابن عباس قوله : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "
مكة ، ألم تسمع إلى قوله : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى
للعالمين " وزعم كعب الأحبار أنها حران .
وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب : أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط ،
وأخوه ناجور ، وامرأة إبراهيم سارة ، وامرأة أخيه ملكاً فنزلوا حران ،
فمات تارخ أبو إبراهيم بها .
وقال السدي : انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام ، فلقى إبراهيم سارة - وهي
ابنة ملك حران - وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على ألا يغيرها -
رواه ابن جرير وهو غريب .
والمشهور أنها ابنة عمه هران الذي تنسب إليه حران .
ومن زعم أنها ابنة أخيه هارات أخت لوط ، كما حكاه السهيلي عن القتيبي والنقاش ، فقد أبعد النجعة وقال بلا علم .
ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذا ذاك مشروعاً فليس له على ذلك دليل ،
ولو فرض أن هذا كان مشروعاً في وقت - كما هو منقول عن الربانيين من اليهود
- فإن الأنبياء لا تتعاطها . . والله أعلم .
ثم المشهور أن إبراهيم عليه السلام لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجراً من بلاده كما تقدم . . والله أعلم .
وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوحى الله إلي : إني جاعل هذه الأرض
لخلفك من بعدك فابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة ، وضرب
قبته شرقى بيت المقدس ثم انطلق مرتجلاً ، إلى التيمن ، وإنه كان جوع ، أي
قحط وشدة وغلاء ، فارتحلوا إلى مصر .
وذكروا قصة سارة مع ملكها ، وإن إبراهيم قال لها : قولي أنا أخته . وذكروا
إخدام الملك إياها هاجر . ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد التيمن ، يعني
أرض بيت المقدس وما والاها ، ومعه دواب وعبيد وأموال .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب عن
محمد ، عن أبي هريرة قال : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : اثنتان منهم
في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال
بينا هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن
هاهنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من
هذه ؟ قال : أختي . فأتى سارة فقال : يا سارة . . ليس على وجه الأرض مؤمن
غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني .
فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق . فدعا بعض حجبته فقال : إنكم
لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر .
فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره ، وأخدم هاجر .
قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء . تفرد به من هذا الوجه موقوفاً .
وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل ذلك في
ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال بينا
هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن هاهنا
رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من هذه ؟
قال : أختي . فأتى سارة فقال : يا سارة . . ليس على وجه الأرض مؤمن غيري
وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبني .
فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق . فدعا بعض حجبته فقال : إنكم
لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر .
فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر -أو الفاجر -في نحره ، وأخدم هاجر" .
قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء . تفرد به من هذا الوجه موقوفاً .
وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل
ذلك في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا "
وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلاً ، فأتى جبار فقيل
له : إنه قد نزل هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله
عنها فقال : إنها أختي . فلما رجع إليها قال : إن هذا سألني عنك فقلت :
إنك أختي . وإنها ليس اليوم مسلم غيري وغيرك ، وإنك أختي ، فلا تكذبيني
عنده .
فانطلق بها ، فلما ذهب يتناولها أخذ ، فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ،
فدعت له فأرسل ، فذهب يتناولها فأخذ مثلها أو أشد منها ، فقال : ادعى الله
لي ولا أضرك ، فدعت فأرسل ، ثلاث مرات ، فدعا أدنى حشمة فقال : إنك لم
تأتني بإنسان ولكن أتيتني بشيطان أخرجها وأعطها هاجر .
فجاءت وإبراهيم قائم يصلي . فلما أحس بها انصرف ، فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الظالم وأخدمني هاجر .
وأخرجاه من حديث هشام . ثم قال البزار : لا يعلم إسناده عن محمد عن أبي هريرة إلا هشام ، ورواه غيره موقوفاً .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عل بن حفص ، عن ورقاء - وهو أبو عمر اليشكري -
عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : قوله حين دعى إلى آلهتهم
فقال : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقوله لسارة : " إنها
أختي " .
قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة ، فقيل :
دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس ، قال : فأرسل إليه الملك أو
الجبار : من هذه معك ؟ قال : أختي ، قال : فأرسل بها ، قال : فأرسل بها
إليه ، وقال : لا تكذبي قولي ، فإني قد أخبرته أنك أختي إنه ما على الأرض
مؤمن غيري وغيرك .
فلما دخلت عليه قام إليه ، فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إن كنت تعلم
أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي الكافر .
قال : فغط حتى ركض برجله .
قال أبو الزناد : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته : قال : فأرسل .
قال : ثم قال إليها ، قال : فقامت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إني كنت تعلم
آني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي . فلا تسلط علي الكافر .
قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد وقال أبو سلمة عن أبي هريرة
أنها قالت : اللهم إني يمت يقل هي قتلته ، قال : فأرسل .
قال : فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلى إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر .
قال : فرجعت ، فقال لإبراهيم : أشعرت أن الله رد كيد الكافرين وأخدم وليدة ! تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط الصحيح .
وقد رواه البخاري عن أبي اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصراً .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ،
عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في
كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : " ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين
الله ، فقال : " إني سقيم " وقال : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال للملك حين
أراد امرأته : هي أختي " .
فقوله في الحديث : هي أختي أي في دين الله ، وقوله لها " إنه ليس على وجه
الأرض مؤمن غيري وغيرك " يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ، ويتعين حمله على
هذا لأن لوطاً كان معهم وهو نبي عليه السلام .
وقوله لها لما رجعت إليه : ميهم ؟ معناه ما الخبر . فقالت : إن الله رد كيد الكافرين ، وفي رواية : الفاجر وهو الملك ، وأخدم جارية .
وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك ، قام يصلي لله عز وجل
، ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء . وهكذا
فعلت هي أيضاً . فلما أراد عدو الله أن ينال منها أمراً قامت إلى وضوئها
وصلاتها ، ودعت الله عز وجل بما تقدم من الدعاء العظيم . ولهذا قال تعالى
: " واستعينوا بالصبر والصلاة " فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله
وحبيبه وخليله إبراهيم عليه السلام .
وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نقطة : سارة ، وأم موسى ، ومريم عليهن السلام .
والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن .
ورأيت في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين إبراهيم عليه
السلام وبينها ، فلم يرها منذ خرجت من عنده إلى أن رجعت إليه ، وكان
مشاهداً لها وهي عند الملك ، وكيف عصمها الله منه ، ليكون ذلك أطيب لقلبه
وأقر لعينه وأشد لطمأنينته ، فإنه كان يحبها حباً شديداً ، لدينها
وقرابتها منه وحسنها الباهر ، فإنه قد قيل إنه لم تكن امرأة بعد حواء إلى
زمانها ، أحسن منها ، رضي الله عنها . . ولله الحمد والمنة .
وذكر بعض أهل التواريخ أن فرعون مصر هذا كان أخاً للضحاك الملك المشهور
بالظلم ، وكان عاملاً لأخيه على مصر ، ويقال كان اسمه سنان بن علوان بن
عويج بن عملاق بن لاود ابن سام بن نوح . وذكر ابن هشام في التيجان : إن
الذي أرادها عمرو بن امرىء القيس بن مايلون بن سبأ ، وكان على مصر . نقله
السهيلي . . والله أعلم .
* * *
ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن ، وهي الأرض
المقدسة التي كان فيها ، ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل . وصحبتهم هاجر
القبطية المصرية .
ثم إن لوطاً عليه السلام نزح بما له من الأموال الجزيلة بأمر الخليل له في
ذلك ، إلى أرض الغور ، المعروف بغور زغر ، فنزل بمدينة سدوم وهي أم تلك
البلاد في ذلك الزمان ، وكان أهلها أشراراً كفاراً فجاراً .
وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل ، فأمر أن يمد بصره وينظر شمالاً
وجنوباً وشرقاً وغرباً وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى
آخر الدهر ، وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الأرض .
وهذا البشارة اتصلت بهذه الأمة ، بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية .
ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها " .
قالوا : ثم إن طائفة من الجبارين تسلطوا على لوط عليه السلام فأسروه ،
وأخذوا أمواله واستاقوا أنعامه فلما بلغ الخبر إبراهيم الخليل سار إليهم
في ثلاثمائة وثمانية عشرة رجلاً ، فاستنقذ لوطاً عليه السلام واسترجع
أمواله ، وقتل من أعداء الله ورسوله خلقاً كثيراً وهزمهم وساق في آثارهم
حتى وصل إلى شمالي دمشق وعسكر بظاهرها عند برزة ، وأظن مقام إبراهيم إنما
سمي لأنه كان موقف جيش الخليل . . والله أعلم .
ثم رجع مؤيداً منصوراً إلى بلاده . وتلقاه ملوك بلاد بيت المقدس معظمين له مكرهين خاضعين ، واستقر ببلاده . صلوات الله وسلامه عليه
مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في
ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
" .
وقال تعالى : " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين *
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون
بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا
عابدين " .
لما هجر قومه في الله ، وهاجر من بين أظهرهم ، وكانت امرأته عاقراً لا
يولد لها ، ولم يكن له من الولد أحد ، بل معه ابن أخيه لوط ابن هران بن
آزر ، وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين ، وجعل في ذريته النبوة
والكتاب ، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته ، وكل كتاب نزل من السماء على
نبي من الأنبياء من بعده ، فعلى أحد نسله وعقبه ، خلعة من الله وكرامة له
، حيث ترك بلاده وأهله وأقرباءه ، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه
عز وجل ودعوة الخلق إليه .
والأرض التي قصدها بالهجرة أرض الشام ، وهي التي قال الله عز وجل : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين " .
قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم .
وروى العوفي عن ابن عباس قوله : " إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "
مكة ، ألم تسمع إلى قوله : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى
للعالمين " وزعم كعب الأحبار أنها حران .
وقد قدمنا عن نقل أهل الكتاب : أنه خرج من أرض بابل هو وابن أخيه لوط ،
وأخوه ناجور ، وامرأة إبراهيم سارة ، وامرأة أخيه ملكاً فنزلوا حران ،
فمات تارخ أبو إبراهيم بها .
وقال السدي : انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام ، فلقى إبراهيم سارة - وهي
ابنة ملك حران - وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على ألا يغيرها -
رواه ابن جرير وهو غريب .
والمشهور أنها ابنة عمه هران الذي تنسب إليه حران .
ومن زعم أنها ابنة أخيه هارات أخت لوط ، كما حكاه السهيلي عن القتيبي والنقاش ، فقد أبعد النجعة وقال بلا علم .
ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذا ذاك مشروعاً فليس له على ذلك دليل ،
ولو فرض أن هذا كان مشروعاً في وقت - كما هو منقول عن الربانيين من اليهود
- فإن الأنبياء لا تتعاطها . . والله أعلم .
ثم المشهور أن إبراهيم عليه السلام لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجراً من بلاده كما تقدم . . والله أعلم .
وذكر أهل الكتاب أنه لما قدم الشام أوحى الله إلي : إني جاعل هذه الأرض
لخلفك من بعدك فابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمة ، وضرب
قبته شرقى بيت المقدس ثم انطلق مرتجلاً ، إلى التيمن ، وإنه كان جوع ، أي
قحط وشدة وغلاء ، فارتحلوا إلى مصر .
وذكروا قصة سارة مع ملكها ، وإن إبراهيم قال لها : قولي أنا أخته . وذكروا
إخدام الملك إياها هاجر . ثم أخرجهم منها فرجعوا إلى بلاد التيمن ، يعني
أرض بيت المقدس وما والاها ، ومعه دواب وعبيد وأموال .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب عن
محمد ، عن أبي هريرة قال : لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : اثنتان منهم
في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال
بينا هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن
هاهنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من
هذه ؟ قال : أختي . فأتى سارة فقال : يا سارة . . ليس على وجه الأرض مؤمن
غيري وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني .
فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق . فدعا بعض حجبته فقال : إنكم
لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر .
فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره ، وأخدم هاجر .
قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء . تفرد به من هذا الوجه موقوفاً .
وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل ذلك في
ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال بينا
هو ذات يوم وسارة ، إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن هاهنا
رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه وسأله عنها ، فقال : من هذه ؟
قال : أختي . فأتى سارة فقال : يا سارة . . ليس على وجه الأرض مؤمن غيري
وغيرك ، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبني .
فأرسل إليها ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأخذ ، فقال : ادعي الله
لي ولا أضرك ، فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأخذ مثلها أو أشد ،
فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت فأطلق . فدعا بعض حجبته فقال : إنكم
لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان فأخدمها هاجر .
فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده مهيم ؟ فقالت : رد الله كيد الكافر -أو الفاجر -في نحره ، وأخدم هاجر" .
قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء . تفرد به من هذا الوجه موقوفاً .
وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن عبد الوهاب
الثقفي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات ، كل
ذلك في ذات الله ، قوله : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا "
وبينما هو يسير في أرض جبار من الجبابرة إذ نزل منزلاً ، فأتى جبار فقيل
له : إنه قد نزل هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله
عنها فقال : إنها أختي . فلما رجع إليها قال : إن هذا سألني عنك فقلت :
إنك أختي . وإنها ليس اليوم مسلم غيري وغيرك ، وإنك أختي ، فلا تكذبيني
عنده .
فانطلق بها ، فلما ذهب يتناولها أخذ ، فقال : ادعى الله لي ولا أضرك ،
فدعت له فأرسل ، فذهب يتناولها فأخذ مثلها أو أشد منها ، فقال : ادعى الله
لي ولا أضرك ، فدعت فأرسل ، ثلاث مرات ، فدعا أدنى حشمة فقال : إنك لم
تأتني بإنسان ولكن أتيتني بشيطان أخرجها وأعطها هاجر .
فجاءت وإبراهيم قائم يصلي . فلما أحس بها انصرف ، فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الظالم وأخدمني هاجر .
وأخرجاه من حديث هشام . ثم قال البزار : لا يعلم إسناده عن محمد عن أبي هريرة إلا هشام ، ورواه غيره موقوفاً .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عل بن حفص ، عن ورقاء - وهو أبو عمر اليشكري -
عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : قوله حين دعى إلى آلهتهم
فقال : " إني سقيم " وقوله : " بل فعله كبيرهم هذا " وقوله لسارة : " إنها
أختي " .
قال : ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة ، فقيل :
دخل إبراهيم الليلة بامرأة من أحسن الناس ، قال : فأرسل إليه الملك أو
الجبار : من هذه معك ؟ قال : أختي ، قال : فأرسل بها ، قال : فأرسل بها
إليه ، وقال : لا تكذبي قولي ، فإني قد أخبرته أنك أختي إنه ما على الأرض
مؤمن غيري وغيرك .
فلما دخلت عليه قام إليه ، فأقبلت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إن كنت تعلم
أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي الكافر .
قال : فغط حتى ركض برجله .
قال أبو الزناد : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنها قالت : اللهم إن يمت يقال هي قتلته : قال : فأرسل .
قال : ثم قال إليها ، قال : فقامت تتوضأ وتصلي وتقول : اللهم إني كنت تعلم
آني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي . فلا تسلط علي الكافر .
قال : فغط حتى ركض برجله . قال أبو الزناد وقال أبو سلمة عن أبي هريرة
أنها قالت : اللهم إني يمت يقل هي قتلته ، قال : فأرسل .
قال : فقال في الثالثة أو الرابعة : ما أرسلتم إلى إلا شيطاناً ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر .
قال : فرجعت ، فقال لإبراهيم : أشعرت أن الله رد كيد الكافرين وأخدم وليدة ! تفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط الصحيح .
وقد رواه البخاري عن أبي اليمان ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم به مختصراً .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ،
عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في
كلمات إبراهيم الثلاث التي قال : " ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين
الله ، فقال : " إني سقيم " وقال : " بل فعله كبيرهم هذا " وقال للملك حين
أراد امرأته : هي أختي " .
فقوله في الحديث : هي أختي أي في دين الله ، وقوله لها " إنه ليس على وجه
الأرض مؤمن غيري وغيرك " يعني زوجين مؤمنين غيري وغيرك ، ويتعين حمله على
هذا لأن لوطاً كان معهم وهو نبي عليه السلام .
وقوله لها لما رجعت إليه : ميهم ؟ معناه ما الخبر . فقالت : إن الله رد كيد الكافرين ، وفي رواية : الفاجر وهو الملك ، وأخدم جارية .
وكان إبراهيم عليه السلام من وقت ذهب بها إلى الملك ، قام يصلي لله عز وجل
، ويسأله أن يدفع عن أهله ، وأن يرد بأس هذا الذي أراد أهله بسوء . وهكذا
فعلت هي أيضاً . فلما أراد عدو الله أن ينال منها أمراً قامت إلى وضوئها
وصلاتها ، ودعت الله عز وجل بما تقدم من الدعاء العظيم . ولهذا قال تعالى
: " واستعينوا بالصبر والصلاة " فعصمها الله وصانها لعصمة عبده ورسوله
وحبيبه وخليله إبراهيم عليه السلام .
وقد ذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نقطة : سارة ، وأم موسى ، ومريم عليهن السلام .
والذي عليه الجمهور أنهن صديقات رضي الله عنهن وأرضاهن .
ورأيت في بعض الآثار أن الله عز وجل كشف الحجاب فيما بين إبراهيم عليه
السلام وبينها ، فلم يرها منذ خرجت من عنده إلى أن رجعت إليه ، وكان
مشاهداً لها وهي عند الملك ، وكيف عصمها الله منه ، ليكون ذلك أطيب لقلبه
وأقر لعينه وأشد لطمأنينته ، فإنه كان يحبها حباً شديداً ، لدينها
وقرابتها منه وحسنها الباهر ، فإنه قد قيل إنه لم تكن امرأة بعد حواء إلى
زمانها ، أحسن منها ، رضي الله عنها . . ولله الحمد والمنة .
وذكر بعض أهل التواريخ أن فرعون مصر هذا كان أخاً للضحاك الملك المشهور
بالظلم ، وكان عاملاً لأخيه على مصر ، ويقال كان اسمه سنان بن علوان بن
عويج بن عملاق بن لاود ابن سام بن نوح . وذكر ابن هشام في التيجان : إن
الذي أرادها عمرو بن امرىء القيس بن مايلون بن سبأ ، وكان على مصر . نقله
السهيلي . . والله أعلم .
* * *
ثم إن الخليل عليه السلام رجع من بلاد مصر إلى أرض التيمن ، وهي الأرض
المقدسة التي كان فيها ، ومعه أنعام وعبيد ومال جزيل . وصحبتهم هاجر
القبطية المصرية .
ثم إن لوطاً عليه السلام نزح بما له من الأموال الجزيلة بأمر الخليل له في
ذلك ، إلى أرض الغور ، المعروف بغور زغر ، فنزل بمدينة سدوم وهي أم تلك
البلاد في ذلك الزمان ، وكان أهلها أشراراً كفاراً فجاراً .
وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل ، فأمر أن يمد بصره وينظر شمالاً
وجنوباً وشرقاً وغرباً وبشره بأن هذه الأرض كلها سأجعلها لك ولخلفك إلى
آخر الدهر ، وسأكثر ذريتك حتى يصيروا بعدد تراب الأرض .
وهذا البشارة اتصلت بهذه الأمة ، بل ما كملت ولا كانت أعظم منها في هذه الأمة المحمدية .
ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها " .
قالوا : ثم إن طائفة من الجبارين تسلطوا على لوط عليه السلام فأسروه ،
وأخذوا أمواله واستاقوا أنعامه فلما بلغ الخبر إبراهيم الخليل سار إليهم
في ثلاثمائة وثمانية عشرة رجلاً ، فاستنقذ لوطاً عليه السلام واسترجع
أمواله ، وقتل من أعداء الله ورسوله خلقاً كثيراً وهزمهم وساق في آثارهم
حتى وصل إلى شمالي دمشق وعسكر بظاهرها عند برزة ، وأظن مقام إبراهيم إنما
سمي لأنه كان موقف جيش الخليل . . والله أعلم .
ثم رجع مؤيداً منصوراً إلى بلاده . وتلقاه ملوك بلاد بيت المقدس معظمين له مكرهين خاضعين ، واستقر ببلاده . صلوات الله وسلامه عليه
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى