ثانوية ساردو عبد القادر برج بونعامة الونشريس

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثانوية ساردو عبد القادر برج بونعامة الونشريس
ثانوية ساردو عبد القادر برج بونعامة الونشريس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
farouke9991
farouke9991
ذكر
عدد الرسائل : 24
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 07/02/2011

أقباط مصر وقلق الهوية Empty أقباط مصر وقلق الهوية

الثلاثاء 08 فبراير 2011, 19:48
ماذا يريد الأقباط في مصر؟ سؤال يبدو منطقيا في ظل تصاعد حدة التوترات وتتابعها بين الدولة المصرية والأقباط على خلفيات متعددة، كان أبرزها حادث "دير أبو فانا" في صعيد مصر، وهي أزمة امتدت شهورا وحدثت فيها وساطات وتنازلات لكنها لم تؤد إلى علاج الجرح، وكان آخرها ما جرى الأربعاء 24 نوفمبر 2010م عندما اصطدمت جموع من الأقباط في محافظة الجيزة بقوات الأمن رغبة منها في تحويل مبنى إداري إلى كنيسة دون الحصول على ترخيص، وانتقال المصادمات إلى محاولة الأقباط اقتحام مبنى المحافظة بما يقرب من ألفي شخص في سابقة نادرة في تاريخ العلاقة بين الأقباط والدولة المصرية.

ورفعت خلال المصادمات شعارات تشير إلى الاستعداد للدفاع عن الصليب مثل "بالروح والدم نفديك يا صليب" و "احمل صليبك واتبعني" وسط تصريحات منسوبة للبابا شنودة الثالث بأن "الأقباط لن يسكتوا بعد اليوم".

الحدث له دلالات تتجاوز ما جرى من صدامات، إذ تعبر عن محاولة كنسية واضحة لبناء هوية قبطية متميزة أو على الأقل لها خصوصية عن الهوية المصرية، وهو ما يفتح الباب للنقاش حول الهوية باعتبارها أحد الأسباب الكبرى والكامنة وراء تلك الأزمات المتكررة للأقباط.

يرى المؤرخ قاسم عبده قاسم أن سؤال البحث عن الذات والهوية يطرح في أوقات الأزمات والسيولة الاجتماعية والسياسية، وأنه يكون أكثر إلحاحا إذا كان تاريخ هذه الأمة ضاربا بجذوره في تربة الزمن البعيد([1]).

ومن ثم فليس غريبا أن يكون سؤال الهوية مطروحا في مصر وعلى الأقباط تحديدا، فمصر موغلة في القدم، وحضارتها متعددة الروافد والمشارب، وحاضرها يمور بالأزمات والتحديات والتربصات، وإذا كان تاريخ مصر وإسهامها الحضاري لم يبدأ مع المسيحية، فإن دخول الإسلام لم يكن بداية لنهاية تاريخ طويل ، وإنما كان بداية لدور حضاري استوعب ما قبله وأعاد صياغته في هويته الحضارية الجديدة ، فالتاريخ والجغرافيا لعبا دورا في صياغة الهوية المصرية بطريقة تراكمية قوت بعضها بعضا، فلم تمسخ ما قبلها وإنما استوعبته وأعادت صياغته للقيام بدور مستقبلي، وهو ما يعني أن بعض العناصر الفاعلة في تكوين الهوية المصرية ليس على نفس القدر من الحضور والتأثير والفعالية في تشكيل الهوية.

والواقع أن الرجوع لتاريخ الفتح الإسلامي لمصر يجد أن الأقباط رأوا في المسلمين مخلصا لهم من الطغيان والاستبداد السياسي والديني البيزنطي؛ حتى إن الأقباط لعبوا دورا في تسهيل انتقال قوات المسلمين في النيل وتقديم الخدمات اللوجيستية لهم، وتأسست العلاقة بين المسلمين والأقباط مبكرا، حيث رفع عمرو بن العاص راية الحرية الدينية ووفر الأمان للبطريرك القبطي بنامين الذي هرب من الاضطهاد الروماني 13 عاما، وأعاد المسلمون إلى الأقباط ممتلكاتهم الكنسية، وكان ذلك من أهم عوامل تشكيل الهوية المصرية بين المسلمين والمسيحيين التي قامت على مقاومة الظلم والاستبداد واحترام الحرية الدينية، فجاء تأسيس تلك العلاقة في لحظة تعاون قوية..
يقول عنها المفكر القبطي وليم سليم قلادة:" لم يكن اللقاء الأول للمسيحية والإسلام على أرض مصر سحقا، وما يعطيه قيمته التاريخية أنه يعقب قهرا كان يمارسه مسيحيو بيزنطة ضد مسيحيي مصر..كان أساس اللقاء احترام كل طرف لعقائد الآخر"

" فعندما أقبل الإسلام فإن جيش عمرو بن العاص لم يكن قويا بسلاحه، وإنما كانت قوته الحقيقية هي الشريعة التي سبقت السيف وغاصت إلى أعمق من الحربة، وكانت قوة الشريعة، إلى جانب عوامل أخرى، هي التي شدت الجماعة الأكبر من سكان مصر..وهكذا تجاور دينان على أرض الوطن الواحد، وبالتجربة الحية وعبرتها أدرك أتباع الديانتين أن الحياة المشتركة فرض ومكتوب"([2])

ومع تمصر العرب الذين جاءوا مع الفتح الإسلامي ومع دخول أعداد كبيرة من المصريين في الإسلام تغير الوجه الحضاري لمصر وتعمقت هويتها باتجاه الإسلام مع الاحتفاظ باحترام المسيحية كدين، واحتفظ المصريون بمورثهم الثقافي الذي يشكل جزءا من هويتهم وسعوا لتحويله في بعض الأحيان إلى فلكولور أو تبريره في ظل الدين الجديد الذي انتقلوا إليه، فاحتفظ المصريون بجزء من أعيادهم وعاداتهم الفرعونية والقبطية في ظل الإسلام دون أن يشعروا بأن ذلك مضاد لهويتهم الحضارية الجديدة التي أخذ الإسلام في صياغتها وإعادة تعريفها، غير أن هذا لم يؤد إلى أن يصبح الأقباط كيانا منعزلا بل شاركوا في الأنشطة المختلفة في مصر.

غير أن تعريب مصر كان خطوة لا تقل أهمية عن إسلام غالبية أهلها في تشكيل الهوية المصرية الحضارية، فاللغة وعاء التفكير وقالب الحضارة، فالأقباط لم يتحدثوا لغة خاصة بهم ولم يستمروا في تحدثهم بلغة قبطية قديمة وهو ما يعمق خطوط الانقسام المجتمعي، ولكنهم اندمجوا من خلال اللغة في الوعاء الحضاري للإسلام، وبذلك صارت اللغة العربية أداة للتواصل وكسر للعزلة الدينية والحضارية والاجتماعية، فاستطاعت اللغة أن تستوعبهم دون أن تفرض عليهم تغيير معتقدهم الديني.

قرن مضطرب وهوية قلقة

عندما دخلت مصر إلى القرن العشرين استوقفها سؤال هوية تاريخي وكان لابد من الإجابة عليه، ذلك أن تطورات القرن التاسع عشر قد انتهت بالاحتلال البريطاني لمصر سنة 1882م، وكان المطروح على مصر ثلاث خيارات:

- مقاومة الاحتلال البريطاني لطلب الاستقلال وإقامة دولة ذات سيادة من نوع ما عرفته أوروبا في أعقاب الثورة الفرنسية..وكان من أنصار هذا الرأي الشيخ محمد عبده ومدرسته.
- مقاومة الاحتلال البريطاني بقصد العودة إلى الخلافة العثمانية باعتبارها الإطار الجامع للشعوب الإسلامية ..وكان من أنصار هذا الرأي مصطفى كامل وحزبه.
- مقاومة الاحتلال البريطاني والإصغاء جيدا إلى دعوة قومية جديدة تُعطي للعرب بوحدة الثقافة وتواصل الجغرافيا وامتداد التاريخ وخصوصية الأمة في المحيط الحضاري الإسلامي الواسع..وكان هذا النداء بعيدا خافت الصوت.

كانت بدايات القرن العشرين فترة توتر مصطنع بين المسلمين والمسيحيين في مصر وهو ما انعكس في الهوية المصرية، حيث بدأ الخلاف على صفحات الجرائد، وكان أصوات الإثارة من جانب صحيفة "الوطن" التي تعبر عن بعض الاتجاهات المسيحية، ففي 1910م ألقى الرئيس الأمريكي روزفلت محاضرة في لندن انتقد فيها الإنجليز لأنهم مكنوا المصريين من التمتع ببعض الحرية، فهاج الوطنيون المصريون، وإذا بأصوات قبطية تكتب مدحا في روزفلت وتصفه بأنه ناصر الأقلية ضد الأغلبية، وهو ما أدى إلى انزلاق بعض الأصوات الإسلامية إلى الفخ المنصوب في الشحن الطائفي.

وكما يؤكد المؤرخ طارق البشري " فإن عبء المحافظة على الوحدة والاندماج هو مسؤولية الأغلبية وليس الأقلية، وظهرت أصوات قبطية تسعى لبناء هوية بديلة عن الهوية المصرية الوطنية للأقباط داخل إطار الوطنية الجامعة للمصريين، لكن هذه الأصوات كانت قليلة لكنها زاعقة وعالية، وفي هذه الأجواء المحتقنة عقد المؤتمر القبطي، رغم نفور بطريرك الأقباط الأنبا كيرلس الخامس-، وعقد المؤتمر في 6 مارس 1911م، "ورغم مناقشاته وما أثاره من جدل سياسي إلا أن الأقباط رأوا الالتزام بقاعدة المواطنة المبنية على أساس من المساواة العامة..وهذا المنطق الوطني لم يكن أساسه مبنيا على الإيمان المجرد بقيم مثالية، ولكن وجد أساسا أيضا في الاقتناع بالمصلحة المشتركة، وأن حل المشكلة لا يكون في التمييز، وإنما يكون في المزيد من الاندماج"([3])

ورد المسلمون على هذا المؤتمر بعقد المؤتمر المصري في 29 ابريل 1911م شارك فيه ممثلو اللأديان الثلاث في مصر وممثلون لغالبية التيارات السياسية، وكما يقول البشري فإن كلا المؤتمرين دعت إليه العناصر الداعية للشقاق، لكن سيطرت على المؤتمر العناصر الداعية للوفاق والرافضة لتقسيم الهوية أو انعزال طائفة من الوطن بها وتشكيل هوية بديلة، ورأى هذا المؤتمر أن لكل أمة دينا رسميا، ودين كل أمة هو دين حكومتها أو دين الأكثرية فيها. وأن الحقوق والمرافق في مصر على الشيوع بين جميع المصريين على السواء، ورفض المؤتمر أن يجعل الاعتقادات الدينية أساسا للامتيازات بين الأفراد في الحقوق الوطنية، وبالتالي رفض الربط بين الأقلية الدينية وأن تترجم إلى كونها أقلية سياسية.

"وربما كان سؤال الهوية أشد صعوبة بالنسبة للأقباط منه للمسلمين...لكن بقي سؤال الهوية معلقا وحائرا حتى جاءت ثورة 1919م فأخذت بخيار الدولة الوطنية المستقلة، وكان نجاحها الأعظم هو تبنيها لمبدأ المواطنة من واقع أنه وطن واحد يتعايش على أرضه دينان..وكانت نقطة التحول جاءت من قيادات قبطية" ([4])

حيث ذهبت قيادات قبطية إلى الزعيم سعد زغلول وطلبت أن تنضم إلى حزب الوفد، فكان الوفد هو المدخل لمشاركة الأقباط في الحياة السياسية في مصر، وظهر في الوفد قيادات قبطية كبيرة من بينها مكرم عبيد الذي عبر عن روح الحضارة العربية والإسلامية، والذي كان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، وصاحب المقولة المشهورة:"نحن مسلمون وطنا، ونصارى دينا".


"كانت إحدى المعالم الرئيسية للورد كرومر المندوب السامي البريطاني في مصر غداة الاحتلال هو تعويض الأقباط بدفعهم أكثر في الجانب المالي لتعويض ضعفهم السياسي، وكتب كرومر ينتقد الأقباط لعدم مجاراتهم للإمبراطورية البريطانية وهي مسيحية مثلهم، وكان رأي كرومر ترتيبا على ذلك أن الأقباط لا يرجي لهم دور سياسي في مصر، والحل أنه يمكن تعويض ضعفهم السياسي بقوة مالية تؤدي إلى توازن يعطيهم نوعا من التأثير السياسي وإن كان صامتا" ([5])

وقد رفض عقلاء الأقباط التعاون مع الانجليز، حتى قال القس سرجيوس "إذا كان الإنجليز هم الذين سيحمون الأقباط، فليمت كل الأقباط ولتحيا مصر"


الأمة القبطية والأمة المصرية

ظهرت بعض الآراء السياسية عقب ثورة يوليو 1952م ترى أن أي تمثيل للأقلية الدينية لن يرضيها وأن الحل المتاح لها هو التعويض الاقتصادي عن الغياب السياسي، والغريب أنه مع توجهات الدولة المصرية نحو الاشتراكية والتي وصلت ذروتها في بدايات الستينيات انطبقت على الأقباط الإجراءات الاشتراكية في حركة التأميم، وهو ما شكل أزمة معقدة للقوة القبطية أثرت على الهوية، وأدت إلى هجرة عدد من الأقباط إلى أوروبا وأمريكا واستراليا .

ويرى المفكر القبطي ميلاد حنا أن عهد الرئيس جمال عبد الناصر شكل البداية الحقيقية لضمور الدور السياسي للأقباط حيث إن قرار الرئيس بتعيين عدد من الأقباط في المجلس التشريعي أوجد ضمورا سياسيا قبطيا، اكتمل بمرحلة الرئيس السادات الذي أطلق على نفسه الرئيس المؤمن. ([6])


وكانت جماعة الأمة القبطية التي نشأت في 11 سبتمبر 1952م كإفراز سياسي ثوري، بقيادة المحامي إبراهيم فهمي هلال واستقطبت ما يقرب من (92) ألف عضو أغلبهم من الشباب، واتخذت شعارات مماثلة لشعارات جماعة الإخوان المسلمين مثل:" الإنجيل دستورنا..والموت في سبيل المسيح أسمى أمانينا" هذه الجماعة تبنت لأول مرة في تاريخ أقباط مصر "مشروعا سياسيا طائفيا" يدعو لإحلال اللغة القبطية بدلا من اللغة العربية، وإعادة مصر قبطية، وتحريرها من الإسلام، وقامت هذه الجماعة باختطاف البطريك "يوساب الثاني" سنة 1954م وأجبرته على التنازل عن كرسي البطريركية في محاولة منها لأن تجعل الكنيسة أداة وقيادة لمشروعها الطائفي، لكن قام النظام الناصري بتفكيك هذه الجماعة سريعا.([7])

ويرى المفكر المسيحي رفيق حبيب أن ظهور جماعات أقباط المهجر وممارستهم لدور سياسي ضاغط على مصر من الخارج في أواخر السبعينيات لا يعود إلى كونه نشاطا مرتبطا بردة الفعل على الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر في تلك الفترة، بمقدار ما عبر عن رغبة لوجود دور سياسي قبطي، ويرى أن هذه النزعة تعود تاريخيا إلى جماعة الأمة القبطية التي ظهرت واختفت في الخمسينيات، وهذه النزعة ترتبط بفكرة الأمة القبطية والشعب والتاريخ والتراث القبطي، وهذه الجماعات تتعامل مع الأقباط باعتبارهم حالة مثل الأرمن، حالة شعب يبحث عن هوية، ويحاول تجميع الشتات وتجميع التراث، وهؤلاء مطالبهم تكاد تنحصر في البحث عن شرعية طائفية سياسية للجماعة القبطية، والمحافظة على هوية أقباط المهجر.([8])

ويرى الدكتور محمد عمارة أن القضية الوطنية والصراع المباشر مع إسرائيل والاستعمار في الخمسينيات والستينيات كانت جوامع تشد الأمة كلها بعيدا عن النزاعات الطائفية، كذلك التزام الكنيسة المصرية تحت قيادة الأنبا كيرلس السادس بدورها الروحي، وعدم تجاوزها إلى الأطر المختلفة خاصة السياسي..ويرى عمارة-أيضا- أن تحول الكنيسة المصرية بعد عام 1971 -أي بعد تولي الأنبا شنودة البطريركية الأرثوذكسية- إلى مشروع دولة تحمل مشروعا سياسيا للشعب القبطي بدلا من الشعب المصري، وانتزاعها سلطات مدنية واجتماعية وسياسية وإدارية ودينية، بعد أن ظلت طوال تاريخها لا تتجاوز رسالتها الروحية، هو ما يثير القلق. ([9])
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى