- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
حشر الخلائق جَميعاً إلى الموقف العظيم
الجمعة 28 أغسطس 2009, 02:38
حشر الخلائق جَميعاً إلى الموقف العظيم
سمى الله يوم الدين بيوم الجمع ، لأن الله يجمع العباد فيه جميعاً : (
ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ) [
هود : 103 ] ، ويستوي في هذا الجمع الأولون والآخرون ( قُلْ إِنَّ
الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ - لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ
مَّعْلُومٍ ) [ الواقعة : 49-50 ] .
وقدرة الله تحيط بالعباد ، فالله لا يعجزه شيء ، وحيثما هلك العباد فإن
الله قادر على الإتيان بهم ، إن هلكوا في أجواز الفضاء ، أو غاروا في
أعماق الأرض ، وإن أكلتهم الطيور الجارحة أو الحيوانات المفترسة ، أو
أسماك البحار ، أو غيبوا في قبورهم في الأرض، كل ذلك عند الله سواء : (
أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [ البقرة : 148 ] .
وكما أن قدرة الله محيطة بعباده تأتي بهم حيثما كانوا ، فكذلك علمه محيط
بهم ، فلا ينسى منهم أحد ، ولا يضلُّ منهم أحد ، ولا يشذُّ منهم أحد ، لقد
أحصاهم خالقهم تبارك وتعالى ، وعَدَّهم عداً ( إِن كُلُّ مَن فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا - لَقَدْ
أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا - وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَرْدًا ) [ مريم : 93-95 ] ، ( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ
مِنْهُمْ أَحَدًا ) [ الكهف : 47 ] .
وهذه النصوص بعمومها تدل على حشر الخلق جميعاً الإنس والجن والملائكة ، ولا حرج على من فقه منها أن الحشر يتناول البهائم أيضاً .
وقد اختلف أهل العلم في حشر البهائم ، فذهب ابن تيمية – رحمه الله – إلى أن ذلك كائن .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه ، كما دل عليه الكتاب والسنة .
قال تعالى : ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ
مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) [ الأنعام : 38 ] وقال
تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) [ التكوير : 5 ] ، وقال تعالى :
( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا
مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ ) [الشورى :
29 ] ، وحرف ( إذا ) إنما يكون لما يأتي لا محالة (1) .
وحكى القرطبي خلاف أهل العلم في حشر البهائم ورجح أن ذلك كائن للأخبار
الصحيحة في ذلك ، قال القرطبي : " واختلف الناس في حشر البهائم ، وفي قصاص
بعضها من بعض ، فروي عن ابن عباس أن حشر البهائم موتها ، وقاله الضحاك .
وروي عن ابن عباس في رواية أخرى أن البهائم تحشر وتبعث ، وقاله أبو ذر
وأبو هريرة وعمرو بن العاص ، والحسن البصري وغيرهم ، وهو الصحيح ، لقوله
تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) ، ( ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ
يُحْشَرُونَ ) [ الأنعام : 38 ] .
قال أبو هريرة : يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة : البهائم ، والطير ،
والدواب ، وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم
يقول : كوني تراباً ، فذلك قوله تعالى حكاية عن الكفار ( وَيَقُولُ
الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ) [ النبأ : 40 ] ونحوه " (2) .
--------------------------------
(1) مجموع فتاوي شيخ الإسلام : (4/248) .
(2) تذكرة القرطبي : 273 .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى