- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
كم مَرَّة ينفخ في الصُّور ؟
الجمعة 28 أغسطس 2009, 02:32
كم مَرَّة ينفخ في الصُّور ؟
الذي يظهر أن إسرافيل ينفخ في الصور مرتين ، الأولى يحصل بها الصعق ، والثانية
يحصل بها البعث ، قال تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ
إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) [ الزمر : 68 ] .
وقد سمى القرآن النفخة الأولى بالراجفة ، والنفخة الثانية بالرادفة ، قال تعالى : ( يَوْمَ
تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ - تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) [ النازعات : 6-7 ] .
وفي موضع آخر سمى الأولى بالصيحة ، وصرح بالنفخ بالصور في الثانية ، قال تعالى: (
مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ
يَخِصِّمُونَ - فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ
يَرْجِعُونَ - وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ) [ يس : 49-51 ] .
وقد جاءت الأحاديث النبوية مصرحة بالنفختين ، ففي صحيح البخاري ومسلم عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما بين النفختين أربعون ".
قالوا : يا أبا هريرة ، أربعون يوماً ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت ،
قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت " (1) .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : " ثم ينفخ في الصور ، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ، ورفع ليتاً (2) ، فأول من
يسمعه رجل يلوط حوض إبله ، قال : فيصعق ، ويصعق الناس ، ثم يرسل الله – أو قال :
ينزل الله مطراً ، كأنه الطَّلُّ ، أو الظِّلُّ، ( نعمان (3) الشاك ) فتنبت منه أجساد الناس، ثم
ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " (4) .
وأخرج البيهقي بسند قوي عن ابن مسعود موقوفاً : " ثم يقوم ملك الصور بين السماء
والأرض ، فينفخ فيه ، والصور قرن ، فلا يبقى خلق في السماوات ولا في الأرض إلا مات إلا
من شاء ربك ، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون " (5) .
وروى أوس بن أوس الثقفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل أيامكم يوم
الجمعة ، فيه الصعقة وفيه النفخة " (6) ، وقد أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه
ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (7) .
وقد رجح هذا الذي دلت عليه هذه الآيات والأحاديث التي سقناها جمع من أهل العلم ،
منهم القرطبي ( ، وابن حجر العسقلاني (9) .
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنها ثلاث نفخات ، وهي نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ،
ونفخة البعث .
وممن ذهب هذا المذهب ابن العربي (10) ، وابن تيمية (11) ، وابن كثير (12) ، والسفاريني
(13) ، وحجة من ذهب هذا المذهب أن الله ذكر نفخة الفزع في قوله : ( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي
الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ) [ النمل : 87 ] .
كما احتجوا ببعض الأحاديث التي نصت على أن النفخات ثلاث ، كحديث الصور، وهو حديث
طويل ، أخرجه الطبري ، وفيه : " ثم ينفخ في الصور ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة
الصعق ، ونفخة القيام لرب العالمين " (14) .
أما استدلالهم بالآية التي تذكر نفخة الفزع فليست صريحة على أن هذه نفخة ثالثة ، إذ لا
يلزم من ذكر الحق تبارك وتعالى للفزع الذي يصيب من في السماوات والأرض عند النفخ
في الصور أن تجعل هذه نفخة مستقلة ، فالنفخة الأولى تفزع الأحياء قبل صعقهم ،
والنفخة الثانية تفزع الناس عند بعثهم .
يقول ابن حجر رحمه الله تعالى : " ولا يلزم من مغايرة الصعق الفزع أن لا يحصلا معاً من
النفخة الأولى " (15) ، وجاء في تذكرة القرطبي : " ونفخة الفزع هي نفخة الصعق ، لأن
الأمرين لازمين لها ، أي : فزعوا فزعاً ماتوا منه " (16) .
أما حديث الصور فهو حديث ضعيف مضطرب كما يقول الحجة في علم الحديث ابن حجر
العسقلاني رحمه الله تعالى ، ونقل تضعيفه عن البيهقي (17) .
وذهب ابن حزم رحمه الله تعالى إلى : " أن نفخات يوم القيامة أربع : الأولى نفخة إماتة ،
والثانية نفخة إحياء ، يقوم بها كل ميت ، وينشرون من القبور ، ويجمعون للحساب .
والثالثة : نفخة فزع وصعق ، يفيقون منها كالمغشي عليه ، لا يموت منها أحد .
والرابعة : نفخة إفاقة من ذلك الغشى " (18) .
قال ابن حجر بعد أن حكى مقالة ابن حزم : " هذا الذي ذكره من كون الثنتين أربعاً ليس
بواضح ، بل هما نفختان فقط ، ووقع التغاير في كل واحد منهما باعتبار من يستمعهما ،
فالأولى يموت فيها كل من كان حياً ، ويُغشى على من لم يمت ممن استثنى الله. والثانية :
يعيش بها من مات ، ويفيق بها من غشي عليه ، والله أعلم " (19) .
--------------------------------
(1) رواه البخاري في صحيحه ، كتاب التفسير ، تفسير سورة الزمر ، فتح
الباري : (11/551) ورواه مسلم في صحيحه : (4/2270) ، ورقمه 2955 .
(2) الليت : صفحة العنق ، وإصغاؤه : إمالته .
(3) هو نعمان بن سالم أحد رواة هذا الحديث .
(4) رواه مسلم :(4/2258) ،ورقمه : 2940 .
(5) فتح الباري : (11/370) .
(6) فتح الباري : (11/370) .
(7) فتح الباري : (11/370) .
( التذكرة للقرطبي : 183 ، 184 .
(9) فتح الباري : (11/369) .
(10) فتاوي شيخ الإسلام : (4/260) .
(11) فتح الباري : (11/369) تذكرة القرطبي : ص 184 .
(12) النهاية لابن كثير : (1/253) .
(13) لوامع الأنوار البهية : (2/161) .
(14) فتح الباري:(11/369) .
(15) فتح الباري:(11/369) .
(16) تذكرة القرطبي : 184 .
(17) فتح الباري : (11/369) .
(18) فتح الباري : (6/446) .
(19) فتح الباري : (6/446) .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى