- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
الحساب والجزاء
الجمعة 28 أغسطس 2009, 02:18
الحساب والجزاء
تمهيد : المراد بالحساب والجزاء :
يراد بالحساب والجزاء أن يُوقف الحق تبارك وتعالى عباده
بين يديه ، ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها ، وأقوالهم التي قالوها ، وما
كانوا عليه في حياتهم الدنيا من إيمان وكفر ، واستقامة وانحراف ، وطاعة
وعصيان ، وما يستحقونه على ما قدموه من إثابة وعقوبة ، وإيتاء العباد
كتبهم بأيمانهم إن كانوا صالحين ، وبشمالهم إن كانوا طالحين .
ويشمل الحساب ما يقوله الله لعباده ، وما يقولونه له ، وما يقيمه عليهم من حجج وبراهين ، وشهادة الشهود ووزن للأعمال .
والحساب منه العسير ، ومنه اليسير ، ومنه التكريم ، ومنه التوبيخ ، والتبكيت ، ومنه الفضل والصفح ، ومتولي ذلك أكرم الأكرمين .
مشهد الحساب
حدثنا ربنا عن مشهد الحساب والجزاء في يوم الحساب فقال : ( وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ
وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) [
الزمر : 69 ] .
وحسبنا أن نعلم أن القاضي والمحاسب في ذلك اليوم هو الحكم والعدل قيوم
السماوات والأرض ليتبين لنا عظم هذا المشهد وجلاله ومهابته ، ولعل هذا
الإشراق المنصوص عليه في الآية ، إنما يكون عند مجيء الملك الجليل لفصل
القضاء ، قال تعالى : ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ
فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى
اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) [ البقرة : 210 ] .
وهذا المجيء الله أعلم بكيفيته ، نؤمن به ونعلم أنه حق ، ولا نؤوِّله ولا
نحرِّفه ، ولا نكذب به ، والآية تنصُّ على مجيء الملائكة ، فهو موقف جليل
تحضره ملائكة الرحمن بكتب الأعمال التي أحصت على الخلق أعمالهم وتصرفاتهم
وأقوالهم ، ليكون حجة على العباد ، وهو كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا
فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ
صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا
حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) [ الكهف : 49 ] .
ويجاء في موقف القضاء والحساب بالرسل ، ويسألون عن الأمانة التي حمَّلهم
الله إياها. وهي إبلاغ وحي الله إلى من أرسلوا إليه ، ويشهدون على أقوامهم
ما علموه منهم.
ويقوم الأشهاد في ذلك اليوم العظيم فيشهدون على الخلائق بما كان منهم ،
والأشهاد هم الملائكة الذين كانوا يسجلون على المرء أعماله ، ويشهد أيضاً
الأنبياء والعلماء كما تشهد على العباد الأرض والسماء والليالي والأيام .
ويؤتى بالعباد الذين عقد الحق محكمته العظيمة لمحاسبتهم ، ويقامون صفوفاً
للعرض على رب العباد ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ) [ الكهف : 48 ]
، ويؤتى بالمجرمين منهم وهم الذين كذبوا الرسل ، وتمردوا على ربهم ،
واستعلوا في الأرض – مقرنين في الأصفاد ، مسربلين بالقطران ، ( وَتَرَى
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ - سَرَابِيلُهُم
مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ - لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ
نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [ إبراهيم :
49-51 ] ، ولشدة الهول تجثوا الأمم على الركب عندما يدعى الناس للحساب
لعظم ما يشاهدون ، وما هم فيه واقعون ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً
كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ ) [ الجاثية : 28 ] .
إنه مشهد جليل عظيم نسأل الله أن ينجينا فيه بفضله وَمَنِّهِ وكرمه .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى