- youyou17
عدد الرسائل : 2077
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 12/05/2009
تأييد الله لرسُله ونصرته لهم
الإثنين 24 أغسطس 2009, 19:35
تأييد الله لرسُله ونصرته لهم
ومما يدلنا على صدق الأنبياء والمرسلين نصرة الله لهم وحفظه إياهم ، فإنّه
يستحيل على الله تعالى أن يتقول عليه متقول ، فيدعي أنّه مرسل من عند الله
وهو كاذب في دعواه، ثمّ بعد ذلك يؤيده الله وينصره ، ويرسل الملائكة
لتثبيته وحمايته ، لو فعل هذا ملك من ملوك الأرض ، فادعى مدع أنّه مرسل من
قبله كذباً وزوراً ، وعلم بذلك الملك المفترى عليه ، فإنّه سيلاحقه ، وإذا
ظفر به فسيوقع به أشدَّ العذاب ، فكيف يليق بخالق الكون العليم الحكيم أن
يرى ويسمع رجلاً يكذب عليه ، ويزعم أنّه رسوله ، ويحلل باسمه ويحرم ،
ويشرع الشرائع ، ويضرب الرقاب ، ويزعم أنه يفعل ذلك بأمر الله وبرضاه
ومشيئته ، ثم يؤيده الله وينصره ، ولا يوقع به عقابه وعذابه ؟ هذا لا يكون
أبداً ، وإن وقع مثل هذا من كاذب مارق وظهر أمره ، وقويت شوكته يوماً ،
فلن يطول ذلك ، ولا بدَّ أن يكشف الله أمره ، ويهتك ستره ، ويسلط عليه من
يقهره ، ويجعله عبرة لغيره ، كما فعل الله بمسيلمة وسجاح والأسود العنسي
من قبل (1) .
وقد أشار الله تعالى لهذا النوع من الاستدلال فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ
يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) [ النحل : 116 ]
فحكم عليهم بعدم الفلاح ، وقال : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
الْأَقَاوِيلِ - لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ - ثُمَّ لَقَطَعْنَا
مِنْهُ الْوَتِينَ ) [الحاقة : 44-46] والمعنى أنّ الرسول صلى الله عليه
وسلم لو تقوَّل على الله ما لم يقله الله لأهلكه الله .
وهذا الدليل ذو تأثير كبير على نفوس الناس ، فإن العرب لمّا رأت انتصار
الإسلام صدقت وآمنت ودخلت في دين الله أفواجاً ( إِذَا جَاء نَصْرُ
اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجًا ) [النصر : 1-2] .
شبهة :
وما يذكره بعض المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من أنّ النصر تمّ
لفرعون ونمرود وجنكيزخان وغيرهم من الملوك الكفرة في القديم والحديث ،
جوابه ظاهر ، فإن هؤلاء لم يدع أحد منهم النبوة ، وأن الله أمره أن يدعو
إلى عبادته وطاعته ، ومن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار بخلاف من
ادعى أن الله أرسله ، ثمّ يؤيده الله وينصره، وينصر أتباعه ويجعل العاقبة
لهم فإنّه لا يكون إلاّ رسولاً صادقاً ، فلو كان كاذباً فلا بدّ أن ينتقم
الله منه ، ويقطع دابره ، واعتبر في هذا بحال مسيلمة والأسود العنسي وسجاح
، واعتبر هذا بحال المسيح الدجال ، فإنّه يفتري على الله الكذب ويدعي
الألوهية ، فيكشف الله ستره ، ويظهر أمره لمن كان عنده بصيرة ، فهو رجل
أعور ، مكتوب بين عينيه كافر، وإنّما يلتبس أمره على من لم يرزق نور
الإيمان .
--------------------------------
(1) راجع شرح العقيدة الطحاوية : ص 165-167 وقد استدل بشيء قريب من هذا ابن القيم في كتابه هداية الحيارى انظر الجامع : (ص562) .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى